.

أحكام صلاة الجماعة

أحكام صلاة الجماعة
الحمد الله وصلاة وسلام على رسول الله اللهم صلى وسلام وزد وبارك عليه وعلى
آله وأصحابه وعلى كل من هتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين أما بعد فحياكم
الله جميعا أيها الأحبة فضلاء ضبتم وضاب ممشاكم وتبوتم جميعا من جنة منزلا
وأسال الله عظيم جلا وعلا الذي جمعني بحضراتكم بهذه اليوم طيبة مباركة على
طاعته أن يجمعنا في الأخرة مع سيد دعاء والإمام نبيين في الجنته ودار كرامته إنه
ولي ذلك وقادر عليه
إخوني أن صلاة الجماعة أعظم الشعائر الإسلامية وأفضل القرب الدينية لما
ورد فيها من الترغيبات حتى إنه صلى الله وسلم عليه صرح بأنه تزيد على
صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة كما في الصحيحين ووقع منه الإخبار بأنه قد
هم بأن يحرق على المتخلفين في بيتؤهم قال ابن القيم:)ولم يكن ليحرق مرتكب
صغيرة فترك الصلاة في الجماعة هو من الكبائر( ولازمها النبي صلى الله وسلم
عليه من الوقت الذي شرعها الله تعالى فيه إلى أن قبضه الله تعالى إليه ولم
يرخص صلى الله وسلم عليه في تركها لمن سمع النداء فإنه سأله الرجل الأعمى
أن يصلي في بيته فرخص له فلما ولى دعاه فقال )هل تسمع النداء - قال : نعم -
قال: فأجب(
تعريفها: المقصود بصلاة الجماعة: فعل الصلاة في جماعة
اتَّفق العلماء على مشروعية صلاة الجماعة واختلفوا في حكمها
فضلها وأهميتها وفوائدها:
)أ( الصلاة الجماعة فضائل عظيمة ولذا حث عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين
فضلها في جملة أحاديث نذكر منها:
2 إعداد:داود عبدالله حسن آل سمني
1 - عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ))صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ
بسبع وعشرين درجة((
2 - وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))الصلاة في جماعة
تعدل خمسا وعشرين صلاة فإذا صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين
صلاة((
قال الطيبي: في حديث أبي هريرة: "بخمس وعشرين"، وفي حديث ابن عمر: "بسبع
وعشرين"؛ ووجه التوفيق؛ أنَّ الزائد متأخر عن الناقص؛ لأنَّ الله يزيد عباده من فضله، ولا
ينقصهم عن الموعود شيئ فإنه صلى الله عليه وسلم بشر المؤمنين أولا بمقدار فضلها ثم رأى
صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يمن عليه وعلى أمته فبشرهم به وحث هم على الجماعة
وهذا الذي ذكرنا هو الضابط
3 - وعن عثمان بن عفان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ))من توضأ للصلاة فأسبغ
الوضوء ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة فصلاها مع الناس أو مع الجماعة أو في المسجد غفر الله
له ذنوبه((
صلاة الجماعة في الفرائض
حكم صلاة الجماعة للرجال
اختلف أهل العلم في حكم صلاة الجماعة للرجال على أقوال يمكن تلخيصها في قولين:
القول الأول: صلاة الجمعة واجبة على الأعيان إلا لعذر: وهو مروي عن ابن مسعود وأبي
موسى وبه قال عطاء والأوزاعي وأبو ثور وهو مذهب أحمد وابن حزم وهو اختيار شيخ
الإسلام على اختلاف بينهم
هل هي شروط في صحة الصلاة أو لا؟
واستدلوا بما يأتي:
3 إعداد:داود عبدالله حسن آل سمني
1 - قوله تعالى: }وَإِذَا كُنتَ فِيهِ م فَأقََ متَ لَهُمُ الصَّ لواة ...{ قالوا: إن الله أمر بصلاة الجماعة في
حال الخوف ففي حال الأمن أولى وآكد
ثم إنه اغتفرت في صلاة الخوف أفعال كثيرة لأجل الجماعة فلولا أنها واجبة ما ساغ ذلك
2 - قوله تعالى: }وَا ركَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ { وذلك يكون في حال المشاركة في الركوع فكان
أمرا بإقامة الصلاة بالجماعة ومطلق الأمر لوجوب العمل
وقال ابن كثير في تفسيره ))أي وكونو مع المؤمنين في حسن أعمالهم ومن أخص ذلك
وأكمله الصلاة وقد استدلوا كثير من بهذه العلماء الآية على وجوب الجماعة( ارجع صفحة
)111)
3 - حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ))والذي نفسي بيده لقد هممت أن
آمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال
فأح رق عليهم بيوتهم والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقًا سمينًا أو مرماتين
حسنتين لشهد العشاء(( قالوا: وهو ظاهر في كونها فرض عين لأنها لو كانت سنة لم يهدد
تاركها بالتحريق ولو كانت فرض كفاية لكانت قائمة بالرسول ومن معه
وقد أجيب عن الاستدلال بهذا الحديث على وجوبها على الأعيان بأجوبة:
منها أن المراد المنافقون لا المؤمنون ومنها: أنه همَّ ولم يفعل ولو كان واجبًا ما عفا عنهم
ومنها: أن المراد صلاة الجمعة كما في الرواية الأخرى وغير ذلك
القول الثاني: صلاة الجماعة لا تجب موجوبا عين ي ا: وهو مذهب الجمهور: أبي حنيفة ومالك
والشافعي، على اختلاف بينهم هل هي سنة أو سنة مؤكدة أو فرض كفاية؟ ) 2( واستدلوا بما
يلي:
1 - قول النبي صلى الله عليه وسلم: ))صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة(( وبما في
معناه، قالوا: فالتفضيل يدل على اشتراكهما في أصل الفضل وهذا يدل على عدم وجوبها
على الأعيان إذ لا يقال: الإتيان بالواجب أفضل من تركه ولا يقال: إن لفظه ))أفعل(( قد
تَرِّ دُ لإثبات صفة في إحدى الجهتين ونفيها عن الأخرى و ))أفضل(( المضافة إلى صلاة
4 إعداد:داود عبدالله حسن آل سمني
الفذ كذلك، لأن هذا إنما يصح في ))أفعل(( مطلقًا غير مقرون ب ))مِّ ن (( على أن في بعض
ألفاظه عند مسلم: )تزيد عن صلاته وحده( وفيه التصريح بصحة الصلاة وحده
وأجاب الأوَّلون: بأن التفاضل إنما هو على صلاة المعذور التي تجوز جمعًا بين الأدلة وهي
دون صلاة الجماعة في الفضل
الراجح في المسألة:
لا شك أن الجمع بين الأحاديث المتقدمة ما أمكن هو المتع ي ن والذي تجتمع عليه النصوص
السابقة في نظري ولا يهدر شيئًا منها أن يقال: إن صلاة الجماعة فرض كفاية كقول
الشافعي رحمه الله
وهذا أعدل الأقوال وأصوبها على أنه ينبغي أن يُعلم أنه لا يف رط فيها ويخلُّ بملازمتها
لغير عذر إلا محروم مشئوم، والله تعالى أعلم
حكم صلاة الجماعة للنساء:
لا تجب صلاة الجماعة على النساء بإجماع العلماء لكن يُشرع لهنَّ الجماعة إجمالاً عند
الجمهور
العدد الذي تنعقد به الجماعة:
اتفق الفقهاء على أن أقل عدد تنعقد به الجماعة اثنان وهو أن يكون مع الإمام واحد فيحصل
لهما فضل الجماعة
ففي صجيحين حديث مالك بن الحويرث قال: أتى رجلان النبي صلى الله عليه وسلم يريدان السفر فقال النبي
صلى الله عليه وسلم: )إذا أنتما خرجتما فأدنا ثم أقيما ثم ليؤمكما أكبركما(
ففي صحيحين أيضا حديث ابن عباس في قصة مبيته مع النبي صلى الله عليه وسلم عند خالته ميمونة )) وقام
يصلي فتوضأتُ نحوًا مما توضأ ثم جئت فقمت عن يساره فحوَّلني فجعلني عن يمينه ثم
صلى ما شاء الله ثم اضطجع ((
5 إعداد:داود عبدالله حسن آل سمني
وفي سنن أبي داود بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري: )أن رجلاً جاء وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: ))من يتصدَّق على هذا؟(( فقام رجل فصلَّى معه(
ثم اختلف أهل العلم في انعقاد الجماعة في الفريضة بالصبي الممي ز مع الإمام؟
والصحيح أنها تنعقد لحديث ابن عباس ولأنه لا دليل على المنع من انعقادها ولا دليل على
التفريق بين صلاة النفل والفرض في ذلك ولأن الصبيَّ الممي ز يصح أن يكون إمامً ا وهذا
مذهب الحنفية والشافعية ورواية عن أحمد
أين تقام صلاة الجماعة؟
تجوز إقامة صلاة الجماعة في أي مكان طاهر في البيت أو الصحراء أو المسجد لقول النبي
صلى الله عليه وسلم: )جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل(
من آداب الخروج إلى الصلاة وما يُفعل قبل الصلاة:
1 - ترك الأعمال عند حضور الصلاة: عن عائشة قالت: )كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون في
مهنة أهله أي: خدمتهم فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة(
-3،2 التط ه ر والمشي إلى المسجد وتكثير الخُطا واحتسابها: فعن أبي هريرة قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: )من تطهَّر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من
فرائض الله كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة(
1 - المبادرة إلى المسجد والتبكير إلى الصلاة:
فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ) ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا ولو يعلمون ما
في العتمة والصبح لأتوهما ولو حَ بوًا ولو يعلمون ما في الصف المقدم لاستهموا(
5 - المشي إلى المسجد بسكينة وعدم الإسراع:
فعن أبي قتادة: بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ سمع جلبة رجال فلما صلى قال ما شأنكم؟
فلا تفعلوا إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة فما أدركتم « : قالوا: استعجلنا إلى الصلاة، قال
فَصَلُّوا وما فاتكم فأت م وا( وغير ذالك
6 إعداد:داود عبدالله حسن آل سمني
-6 استحباب الصلاة في المسجد الأبعد والكثير الجمع
يستحب الصلاة في المسجد الابعد الذي يجتمع فيه العدد الكثير لما رواه مسلم عن أبي
موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )إن أعظم الناس في الصلاة أجرا أبعدهم إليها ممشى( .
ولما رواه عن جابر قال: خلت البقاع حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب
المسجد فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: )إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد؟(
قالوا: نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك فقال: )يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم(
-7 استحباب تخفيف الامام
يندب للامام أن يخفف الصلاة بالمأمومين لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )إذا صلى
أحدكم بالناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير فإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء(
رواه الجماعة
أعذار التخلف عن الجماعة:
يرخص التخلف عن الجماعة عند حدوث حالة من الحالات الاتية:
1 و 2 - البرد: أو المطر: فعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر المنادي فينادي بالصلاة
ينادي: )صلوا في رحالكم في الليلة الباردة المطيرة في السفر( رواه الشيخان.
3 - حضور الطعام: لحديث ابن عمر قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم )إذا كان أحدكم على الطعام فلا
يعجل حتى يقضي حاجته منه وإن أقيمت الصلاة( رواه البخاري
1 - مدافعة الاخبثين
فعن عائشة قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: )لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافع الاخبثين(
رواه أحمد ومسلم وأبو داود
الأحق بالإمامة:
الاحق بالامامة الأقرأ لكتاب الله فإن استووا في القراءة فالاعلم بالسنة فإن استووا فالاقدم
هجرة فإن استووا فالاكبر سنا
7 إعداد:داود عبدالله حسن آل سمني
1 - فعن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم وأحقهم بالامامة
اقرؤهم( رواه أحمد ومسلم والنسائي
من تصح إمامتهم:
تصح إمامة الصبي المميز, والاعمى, والقائم بالقاعد, والقاعد بالقائم, والمفترض بالمتنفل,
والمتنفل بالمفترض والمتوضئ بالمتيمم, والمتيمم بالمتوضئ والمسافر بالمقيم, والمقيم
بالمسافر, والمفضول بالفاضل فقد صلى عمرو بن سلمة بقومه وله من العمر ست أو سبع
سنين, واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم على المدينة مرتين يصلي بهم وهو أعمى
وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف أب ي بكر في مرضه الذي مات فيه قاعدا، وصلى في بيته
جالسا وهو مريض وصلى وراءه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا فلما انصرف قال: )إنما
جعل الامام ليؤتم به: فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا
وراءه(
وكان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الاخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، فكانت
صلاته له تطوعا ولهم فريضة العشاء.
وعن محجن بن الادرع قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فحضرت الصلاة فصلى ولم
أصل فقال لي: )ألا صليت( ؟ قلت يا رسول الله إني قد صليت في الرحل ثم أتيتك قال:
)إذا جئت فصل معهم واجعلها نافلة( .
ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي وحده فقال: )ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه(
وصلى عمرو بن العاص إماما وهو متيمم وأقره الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك وصلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم بالناس بمكة زمن الفتح ركعتين ركعتين
إلا المغرب وكان يقول: )يا أهل مكة قوموا فصلوا ركعتين أخريين فإنا قوم سفر(
وإذا صلى المسافر خلف المقيم أتى الصلاة أربعا ولو أدرك معه أقل من ركعة
فعن ابن عباس أنه سئل ) ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد وأربعا إذا ائتم بمقيم
فقال: تلك السنة(
8 إعداد:داود عبدالله حسن آل سمني
وفي لفظ أنه قال له موسى بن سلمة) إنا إذا كنا معكم صلينا أربعا وإذا رجعنا صلينا
ركعتين؟(
فقال تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد
كراهة إمامة الفاسق والمبتدع:
روى البخاري ان ابن عمر كان يصلي خلف الحجاج
وروى مسلم أن أبا سعيد الخدري صلى خلف مروان صلاة العيد وصلى ابن مسعود خلف
الوليد ابن عقبة بن أبي معيط - وقد كان يشرب الخمر وصلى بهم يوما الصبح أربعا
وجلده عثمان بن عفان على ذلك وكان الصحابة والتابعون يصلون خلف ابن عبيد وكان
متهما بالالحاد وداعيا إلى الضلال والاصل الذي ذهب إليه العلماء أن كل من صحت
صلاته لنفسه صحت صلاته لغيره ولكنهم مع ذلك كرهوا الصلاة خلف الفاسق والمبتدع
ما جاء في إعادة الصلاة مع الجماعة:
عن يزيد الاسود قال: صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم الفجر بمنى فجاء رجلان حتى وقفا على رواحلهما
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فجئ بهما تريد فرائصهما فقال لهما: )ما منعكما أن تصليا مع الناس
ألستما مسلمين؟( قالا: بلى يا رسول الله إنا كنا قد صلينا في رحالنا فقال لهما )إذا صليتما
في حالكما ثم أتيتما الامام فصليا معه فإنها لكما نافلة(
المراجع:-
1( الفقه على المذاهب الأربعة لعبد الرحمن الجزيري
2( الفقة السنة السيد السابق
3( توضيح الأحكام شرح بلوغ المرام لعبدالله بن عبدالرحمن البسام
1( صحيح فقه السنة للإمام كمال بن السيد سالم
5( تفسير القرآن العظيم للإمام ابن كثير
إعداد داود عبد الله آل سمني
Previous
Next Post »